سورة هود - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


قوله عز وجل: {يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه} فيه ثلاث تأويلات:
أحدها: لا تشفع إلا بإذنه.
الثاني: لا تتكلم إلا بالمأذون فيه من حسن الكلام لأنهم ملجؤون إلى ترك القبيح.
الثالث: أن لهم في القيامة وقت يمنعون فيه من الكلام إلا بإذنه.
{فمنهم شقيٌ وسعيد} فيه وجهان:
أحدهما: محروم ومرزوق، قاله ابن بحر.
الثاني: معذب ومكرم، قال لبيد.
فمنهم سعيد آخذٌ بنصيبه *** ومنهم شقي بالمعيشة قانعُ
ثم في الشقاء والسعادة قولان: أحدهما: أن الله تعالى جعل ذلك جزاء على عملهما فأسعد المطيع وأشقى العاصي، قاله ابن بحر.
الثاني: أن الله ابتدأهما بالشقاوة والسعادة من غير جزاء. وروى عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: لما نزلت {فمنهم شقي وسعيد} قلت: يا رسول الله فعلام نعمل؟ أعلى شيء قد فرغ منه أم على ما لم يفرغ منه؟ فقال: «بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر، وجرت به الأقلام ولكن كل شيء ميسور لما خلق له».


قوله عز وجل: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن الزفير الصوت الشديد، والشهيق الصوت الضعيف، قاله ابن عباس.
الثاني: أن الزفير في الحلق من شدة الحزن، مأخوذ من الزفير، والشهيق في الصدر، قاله الربيع بن أنس.
الثالث: أن الزفير تردد النفس من شدة الحزن، مأخوذ من الزفر وهو الحمل على الظهر الشدته، والشهيق النفس الطويل الممتد، مأخوذ من قولهم جبل شاهق أي طويل، قاله ابن عيسى.
الرابع: أن الزفير أول نهيق الحمار، والشهيق آخر نهيقه، قال الشاعر:
حشرج في الجوف سحيلاً أو شهق *** حتى يقال ناهق وما نهق
{خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلى ما شاء ربك} فيه ثمانية تأويلات:
أحدها: خالدين فيها ما دامت سماء الدنيا وأرضها إلا ما شاء ربك من الزيادة عليها بعد فناء مدتها حكاه ابن عيسى.
الثاني: ما دامت سموات الآخرة وأرضها إلا ما شاء ربك من قدر وقوفهم في القيامة، قاله بعض المتأخرين.
الثالث: ما دامت السموات والأرض، أي مدة لبثهم في الدنيا، قاله ابن قتيبة.
الرابع: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك من أهل التوحيد أن يخرجهم منها بعد إدخالهم إليها، قاله قتادة، فيكونون أشقياء في النار سعداء في الجنة، حكاه الضحاك عن ابن عباس، وروى يزيد بن أبي حبيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدخل ناس جهنم حتى إذا صاروا كالحمحمة أخرجوا منها وأدخلوا الجنة فيقال هؤلاء الجهنميون»
الخامس: إلا ما شاء من أهل التوحيد أن لا يدخلهم إليها، قاله أبو نضرة يرويه مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
السادس: إلا ما شاء ربك من كل من دخل النار من موحد ومشرك أن يخرجه منها إذا شاء، قاله ابن عباس.
السابع: أن الاستثناء راجع إلى قولهم {لهم فيها زفير وشهيق} إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي ليست بزفير ولا شهيق مما لم يسم ولم يوصف ومما قد سمّي ووصف، ثم استأنف {ما دامت السموات والأرض} حكاه ابن الأنباري.
الثامن: أن الاستثناء واقع على معنى لو شاء ربك أن لا يخلدهم لفعل ولكن الذي يريده ويشاؤه ويحكم به تخليدُهم وفي تقدير خلودهم بمدة السموات والأرض وجهان:
أحدهما: أنها سموات الدنيا وأرضها، ولئن كانت فانية فهي عند العرب كالباقية على الأبد فذكر ذلك على عادتهم وعرفهم كما قال زهير:
ألا لا أرى على الحوادث باقيا *** ولا خالداً إلا الجبال الرواسيا
والوجه الثاني: أنها سموات الآخرة وأرضها لبقائها على الأبد.


قوله عز وجل: {وأمّا الذين سُعدُوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} فيها خمسة تأويلات:
أحدها: دامت سموات الدنيا وأرضها إلا ما شاء ربك من الزيادة عليها في الخلود فيها:
الثاني: إلا ما شاء ربك من مدة يوم القيامة.
الثالث: إلا ما شاء ربك من مدة مكثهم في النار إلى أن يخرجوا منها، قاله الضحاك.
الرابع: خالدين فيها يعني أهل التوحيد، إلا ما شاء ربك يعني أهل الشرك، وهو يشبه قول أبي نضرة.
الخامس: خالدين فيها إلا ما شاء ربك أي ما شاء من عطاء غير مجذوذ، فتكون {إلا} هنا بمعنى الواو كقول الشاعر:
وكلُّ أخٍ مفارقُهُ أخوه *** لعمر أبيك إلا الفرقدان.
أي والفرقدان.
{عطاءً غير مجذوذ} فيه وجهان:
أحدهما: غير مقطوع.
الثاني: غير ممنوع.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16